أهلاً بالعالم الجديد

أهلاً بالعالم الجديد

طلال سالم الصابري
يخيل إلينا أحياناً أننا نملك زمام الأمور، وأننا نطور ونحدث أفكارنا كما يجب، وأننا نواكب الحياة ونتابع المتغيرات .. وكل ذلك التخيل لا يجدي حين نرى سرعة تغير الحياة، وكيف أننا اليوم نمر بالأحداث أسرع من الصحف، ونرى ما نراه في الطرف الآخر من العالم فور حدوثه، ولكننا رغم هذا وذاك لا نزال متأخرين جداً، لا ندرك أننا اليوم نتغير كما يتغير العالم .. نعتمد على أجهزتنا ولا يمكننا العيش دونها، وأن لنا أسرة أخرى غير التي نسكن معها .. وأن لنا من يؤثر بنا ومن يتأثر بنا، وأننا نحاول عبثاً متابعة كل ما يدور حولنا، ولكننا نستسلم في نهاية الأمر لحقيقة التغيير التي لا نراها في اللحظة، ولكننا ندركها بعد مدة من الزمن.
وأزيد من ذلك أننا لم نعِ بعد ما أنتجته التكنولوجيا وما أثرته في حياتنا، وما سيترتب عليه من تغيير في المال والأعمال والوظائف والشركات .. وأن العقليات التي تدير التكنولوجيا تحاول مواكبة جيل لا يؤمن بالقواعد القديمة التي وضعها عصر الصناعة وما زالت قائمة إلى يومنا هذا .. وأن وسائل التدريب ونوعيته تحتاج أن تواكب وتتأهل من جديد لتؤثر في المتلقي، وتحاول أن تغلق الفجوة المعرفية التي تراكمت بين الأجيال.
إنني ومن هذا المنبر أدعو الآباء أن يحاولوا مواكبة أبنائهم، واللعب معهم في ألعابهم، ليدركوا صعوبة ما نمر به، أو يحاولوا بطريقة ما فهم الواقع الجديد ومسايرته خارج التنظير الذي يحدث في الندوات، والذي لا يجدي نفعاً في التعامل مع الحياة .. لأنه يقام بعقلية مختلفة تماماً.
لقد فتح العالم الجديد أبوابه علينا .. ونحن لم نتخلص بعد من عقدنا، ولم نتمكن من التعامل مع أنفسنا في تقبل متغيرات الحياة .. ورغم كل ذلك فإننا نقاوم كل ذلك، ونحاول أن نبتكر حلولاً لمقاوماتنا، بدلاً من أن ننمي إدراكنا الذي لا يأتي إلا حينما نتنفس قليلاً .. ونفصل عواطفنا وارتباطاتنا بالأشياء، فنعيد كل شيء لموضعه الطبيعي، ونرسم الحياة من جديد، ونقبل العالم الجديد ونحافظ على معتقداتنا وثوابتنا واعتدالنا، الذي يجعلنا نمسك دفة الحياة من جديد .. فنقول أهلاً بالعالم الجديد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل