من جد لم يجد

19 ديسمبر , 2015

من جد لم يجد

طلال سالم الصابري
كثيرة هي الأمثال التي تعلمناها في الصغر ورددناها في الإذاعة الصباحية في طابور الصباح في المدارس، كثيرة هي الأحلام التي ترددت بها الوعود بأن نصل للقمة وللطموح وما نحن في رحلة الحياة إلا في مواجهة الواقع تلو الواقع والتعب تلو التعب حتى نصل لأن الكثير من القناعات التي توارثناها لا تجدي، والواقع مختلف جداً، وربما تصدق كلمة بيل غيتس التي يقال إنه ألقاها على طلاب الجامعة في حفل تخريجهم حين قال إن الحياة ليست عادلة كل ما عليكم هو الاعتياد على ذلك.
نعم ربما الاعتياد على أن الكثير من الطيبين لا يمكنهم المطالبة بأبسط حقوقهم من ترقيات وأمور متاحة، وأن الكثير ممن لديهم الحيل والدهاء والتخطيط في كثير من البيئات الحياتية هم الأقدر على الوصول لما يريدون لأهدافهم ولأحلامهم، ليصطدم الكثير ممن مضوا في تصديق وعود الصغر بواقع لا يمكنهم التخلص منه أو تغييره، لأنهم يكتشفون أنه اختلط بجيناتهم ورؤاهم الداخلية التي أصبحت جزءاً من تكوينهم.
فهم المحاربون لطواحين الهواء، العصاميون في طلب أبسط حقوقهم، المستغربون جداً من كيفية سير الحياة حين تعاكس الحقيقة التي آمنوا بها والأمثال والأقوال التي تربوا عليها بأن من جد وجد، فكثير من الذين جدوا لم يجدوا وإنما مضوا في إحباطهم في ذم عدالة الأمور، ومن ثَمَّ خسرنا ما يمكن أن يقدموه للبشرية، وإننا نحتاج أن نربي أبناءنا على أن من جد وجد لا تجدي دائماً، وأن هنالك وجهة نظر أخرى في الحياة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل