من يشكل قيمنا في المجتمع؟

25 أبريل , 2015

من يشكل قيمنا في المجتمع؟

طلال سالم الصابري
لم يكن بناء أي حضارة في التاريخ بمعزل عن منظومة القيم التي يبدأ بها من يؤسس هذه الحضارة، ولم يكن الكثير من التقدم إلا بتحقيق الالتزام والانضباط الذي يجعل المضي على الطريق بل وتحديده واستمرارية تعديل المسار عملية تلقائية جداً.
تلك القيم التي تكون فاعلة فعلاً حقيقياً وليست القيم التي نتحدث عنها ونقدرها كما نقدر التحف في المتاحف ولا نستخدمها في حياتنا اليومية، كأن تتحدث عن الصدق في موقف أمامك ويقول لك أحدهم إن الصدق والحث عليه من صميم ديننا وعاداتنا، بينما ترى في الحياة اليومية من يتحايل على ذلك ولا يذكره في تصرفاته.
كل الذين نتحدث معهم عن القيم يقرون بها ولكنهم لا يطبقونها كما ينبغي في حياتهم ومعاملاتهم، وهنا أتساءل عن حقيقة الإيمان بالقيم وحقيقة الوسائل التعليمية والثقافية وحتى تربية الأسر إن كانت نجحت في تقديم منظمة قيمية تقدر الإنسان وتنظم الحياة في التعاملات اليومية والإنسانية على القدر الذي يشعر به المجتمع بل ويشعر به كل من هو غريب على المجتمع بحيث يرى أهمية الانخراط الطبيعي في هذه المنظومة القيمية التي تنعكس في التعاملات منذ الوصول إلى المطار ومن خلال سائق الأجرة وتعاملات البيع والشراء، حتى إنني لا أرى أن الانفتاح على العالم واستقطاب الثقافات عائقاً أمام تشكيل منظومة قيمية تصبح في نسيج المجتمع وتعكس حضارته ورقيه في جميع المجالات، وهذا الأمر بمثابة الإرث الحضاري للمجتمع يرسم طريقه وبصمته في العالم.
إن إعادة النظر وتقييم ما يحدث في المجتمع من سلوك وأخبار وقضايا وممارسات أمر مهم ولكن الأهم من ذلك قيام فريق من الباحثين والاختصاصيين الذين يدرسون الظواهر الإيجابية بل يرسمون الطريق الحقيقي والمراد تحقيقه لسلوك المجتمع والذي يعكس جذورنا وأصالتنا وثقافتنا ولا يمنعنا من الحداثة التي نتعرض لها من خلال مختلف الوسائل والحلول المتاحة والتي لا ندري أين تُوجهنا وتُوجه أبناءنا ولا ندرك مدى سرعة وتحرك هذه الوسائل في التأثير في نسيج المجتمع وتماسكه من أبسط الأشياء إلى أعقد ما يرسله إلينا هذا الانفتاح الحضاري على
العالم بلا حدود.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل