هواتف بلا روح

09 مايو , 2015

هواتف بلا روح

طلال سالم الصابري
ماذا لو صحونا ولا روح في هواتفنا، برامجنا التي اعتدناها، نكاتنا السخيفة في مجموعات الأصدقاء، الفيسبوك والتويتر، ماذا لو صحونا ولم نتمكن من أن نكتب تغريدة الصباح ولم نشاهد مقاطع الفيديو التي أرسلها لنا السهارى من الأصدقاء، ولم نعرف ما حصل أمس ونحن نيام ولم تفاجئنا الأخبار بأسعار الذهب وانهيار الاقتصاد وبرامجنا الأخرى.
وماذا لو كان هذا الانقطاع مستمراً وعلمنا أن أرواح هذه الهواتف لن تعود، كيف ستكون يا ترى حياتنا؟ ما هي الأشياء التي سنعود لها؟ ربما الكتابة أو القراءة أو الزيارات، ربما تشغلنا أشياء بسيطة أو نعود لهوايات سابقة، ربما ننفصل عن قلقنا بعض الشيء أو نتوقف عن الفضول الذي يعترينا لنرى أين ذهب فلان ليلة البارحة من خلال الإنستغرام و«السناب شات».
لو انقطعت تلك التغذية العالمية قد تصبح حياتنا أبسط وربما نعود لذواتنا أكثر ونبحث عن علاقاتنا الإنسانية بالتواصل الحسي من خلال اللقاء والاتصال، الأمر الذي أصبحنا نفتقده ونستعين بالحروف الخالية من الأحاسيس، وقد نتخلص من الكثير من المشاحنات التي تسببها مسألة قراءة رسائل الواتساب وعدم الرد عليها، ولا ننسى أن الألواح الذكية ستتحول إلى لوحات مضيئة وتفقد الكثير من ارتباطنا العاطفي بها.
إن النظر إلى حياتنا وكثرة ارتباطنا بهذه الأجهزة يجعلاننا نفكر كثيراً في العودة إلى بساطتنا والعودة لبعض الأشياء التي نكاد نفقدها لكثرة ما يخترقنا من هذه المعلومات المتدفقة التي لا تنتهي، أو على الأقل نتعلم كيفية التعامل مع عجلة التسارع التي تسرقنا من كل شيء، من أهلنا الذين نجلس معهم ولكننا غارقون في هواتفنا، أو تعيد إلينا أبناءنا ولو بعض الوقت من أجهزتهم التي يعيشون بها مع أصدقائهم ومشاعرهم.
كل تلك الأحداث التي تمر بنا من خلال هذه الأجهزة تخلق مأزقاً داخلياً قد يتفاقم إن لم نحسن التعامل معه نفسياً، وقد نرى الكثير من الأمراض النفسية التي لا علاج لها والتي بدأنا نلمسها في المجتمع فنحن لا نفرق بين أوقات الراحة وأوقات العمل وأوقات العائلة وبين العمل الخاص والوظيفة، وهنا أدعو إلى يوم بلا هواتف به نتخلص من روحها لنعود إلى أرواحنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل