البساطة والعبقرية

09 يناير , 2016

البساطة والعبقرية

طلال سالم الصابري
يقال إن أي أمر معقد يحتاج عبقرية تامة من شخص عبقري ليصبح بسيطاً، وقد استطاع الكثير من الحكماء عبر التاريخ العودة للبساطة بكل ما تحمل من عبقرية، وأعني هنا البساطة في القول والعمل، تلك البساطة التي لا يمكن للكل العمل بها أو شرحها، لأنها تختلف تماما عن السطحية، فهي أيضاً توصيل الرسالة كاملة من دون نقصان ومن دون الحاجة إلى المبررات والتفسيرات الكثيرة أو الحاجة إلى الخوض فيما لا نحتاج إليه.
والغريب أننا نجد الكثير من هذه البساطة العبقرية عند كبار السن مهما كانت دراستهم وشهاداتهم، لأنهم امتلكوا الكثير من البساطة العبقرية بمرور الزمن واختبار الحياة ومخالطة الناس وتجربتهم في السراء والضراء، وغالباً ما تستخف الأجيال الحديثة بهذه البساطة لتجد قوتها بعد مدة من الزمن في حكمة أو حكاية، ليصاب الجيل الحديث بالذهول من هذه الحكمة والعبقرية والتصرف أو قراءة الواقع.
إن بناء التجربة اليوم أصبح عائقاً على الجيل الحديث لكثرة العوائق التي وضعها البريستيج والدلال المفرط والخوف المفرط اللذان تركا الجيل الحديث في حفرة عدم التجربة خوفاً من الخطأ، وكأنه يحاول أن يكون معصوماً يعيش في كنف الأهل الذين يختارون له ما يرون ويوجهونه توجيهاً غريباً يقتل أمامه الاختيار الذي يبني تجربته، ويبين له أهمية اختبار الحياة للوصول إلى الحكمة الحقيقية البسيطة والعبقرية التي وصل إليها الجيل السابق، وإن كان الأمر شاقاً بعض الشيء.
ليتأكد الآباء أنهم في التربية لا يحمون أبناءهم حين يمنعونهم من التجربة والوقوع في الخطأ، بل إنهم يمنعونهم من الذهاب في طريق قد يوصلهم إلى البساطة العبقرية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل