سنوات في هباء العطاء

27 فبراير , 2016

سنوات في هباء العطاء

طلال سالم الصابري
الغريب أن الانغماس في العطاء للعطاء، والعطاء من أجمل المعنى والمؤسسة والحياة قد يُستغل استغلالاً كبيراً من قبل المتسلقين، فهؤلاء الناس اعتادوا امتصاص دماء المعطين كالطفيليات تماماً، والأغرب وجودهم في الكثير من المجالات المختلفة، فهم يشعرون الإنسان المعطي أنهم أصحاب فضل، وأنهم لا يستغلونه بل يعطونه فرصة يثبت فيها نفسه وأنه يعطي من أجل قيمة كبرى، ولا يترددون في استغلال المعنى الكبير كالإنسانية والشعر والثقافة لاستغلال عطاء الناس، بينما هم في المقابل ليسوا مستعدين للعطاء بلا مقابل، والأسوأ من ذلك استغلالهم للمعاني السامية في الوصول للمناصب والإعلام والمال وغيرها مما يحقق أهدافهم الشخصية الواضحة لهم، والتي لا يمكن للإنسان المتعامل معهم اكتشافها بسهولة.
إن السنوات في العمل المؤسسي والتطوعي كفيلة باكتشاف هؤلاء والتصدي لهم بوضع قيمة معنوية ومادية للعطاء، ذلك أن القيمة التي لا تضعها أنت تصبح مهدورة من قبل كل من لا يستحقها ولا يقدرها وبالتالي تبدأ في تركيز طاقتك وأهدافك فيما يستحق، وما يضعك على طريق، ومسألة التضحيات في زمن الماديات لم تعد تجدي، فالوقت الذي تنفقه هباء فيما لا يعود عليك وعلى أسرتك بالنفع لا يعتبر عطاء، وإن أصعب ما يمكن أن يواجهه الإنسان المعطي هو الخذلان حين يكون العطاء عطاء صادقاً نقياً لم يطلب منه مقابل، ولم يرد من العمل للعمل والحياة والإنسانية.
ختاماً أدعو كل من يعطي أن يقدر عمله ويضع له قيمة حقيقية يستحقها، وألا يمضي عمره هباء في العطاء لمن لا يستحق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل