طريقة الحياة

04 أبريل , 2015

طريقة الحياة

طلال سالم الصابري
للشعوب طريقتها في الحياة التي تعتمد على تاريخها وتعليمها وتراثها، وإننا اليوم نرسم طريق الغد ونرسم للحياة رؤية المستقبل، وعلى الرغم من التطور السريع في كل المجالات في الحياة التقنية والمعلوماتية إلا أن عجلة التسارع في الحياة لا تتيح لنا فرصة التأمل في رسم المستقبل لأبنائنا واختيار طريق حياتهم بتفاصيله والذي يمكنهم من التعامل مع أنفسهم أولاً ثم التعامل مع الآخرين.
إن ارتقاء الشعوب مرهون بتأقلمها مع ذواتها وبأخلاقياتها التي لا يكفي التعليم وحده في زرعها، إنما هو تكامل يحتاج مدى كبيراً من التكامل بين المؤسسات المجتمعية كافة في إرسال رسالة الرقي والاهتمام بالإنسان وخلق نظام مجتمعي متكامل يعي معنى احترام الآخرين من دون التمييز بين مناصبهم ووظائفهم المجتمعية، والنية الطيبة وحدها لا تكفي ولكنها صورة متكاملة يلمسها من يزور بلداً آخر من خلال التصرف العام في الشارع العام وسلوكات سائق التاكسي وسلوكات موظفي المطار والسلوك العام في قيادة السيارات، ويتمثل في احترام الآخرين وإيجاد عذر لهم في الطريق.
كل ذلك يكون أشبه بالعرف السائد في المجتمع، وإن التقييم الحقيقي يأتي بوجود هذه النظرة العامة التي تتشكل من التفاصيل اليومية الدقيقة التي يتعايش معها المجتمع بأكمله فتصبح سلوكاً موحداً في المجتمع ككل، حتى إنه يفرض نفسه على كل من يسكن البلد وكل من يزوره لأنه إن خرج عن هذا العرف يصبح منبوذاً من قبل الجميع.
إن ارتباطنا بإرثنا التاريخي وتراثنا الديني يحتاج تفكيراً عميقاً في التطبيق اليومي في سلوكات المجتمع التي تبتعد شيئاً فشيئاً بطغيان الحداثة واستمرار التطور المذهل الذي قد يقود إلى نسيان أهم عنصر في ذلك كله ألا وهو الإنسان الذي يبني الأسرة ويشكل النواة بالترابط المجتمعي، ويعكس هذه الرؤية شاملة للعالم.
لم يعد العالم في معزل الآن ولا يمكن تصور بلد بلا انفتاح لكن من يحافظ على أصالته وينشرها للعالم بتمسكه بها سيصل إلى المعادلة المثلى التي قد تنفعه ولا تنفع سواه بدلاً من استيراد معادلة صنعت لتناسب مجتمعاً آخر خارج القيم والعادات المتعارف عليها في مجتمعنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل