لا تستعجلوا أحلامكم

لا تستعجلوا أحلامكم

طلال سالم الصابري
كثير من الأشياء التي استعجلناها أتت، لكنها لم تأت في الموعد الذي كنا فيه في لحظة الترقب، وكم نضع أنفسنا في ضغوط الاستعجال، ولا ندرك أن الأشياء لها عمرها في التشكل، بل إن التغير الذي يحدث لنا في رحلة السعي يجعلها أسهل بكثير مما نظن، وكلما رأيت من وصل إلى حلم كنت أحلم أن أصل إليه أجده وجد لنفسه حلماً آخر يطارده، بل وأجده أحياناً يستغرب وصوله إليه، وأنه يرى كل الذين ردّوه عن حلمه ووصفوه بالجنون جعلوه يصر أكثر للوصول إليه.
كل ما في الأمر أن تتشكل الثقة في النفس، ويصبح الإيمان أقوى من كل شيء، أقوى من كل الأصوات التي لا تؤمن بك ولا تؤمن بما تفعله مهما كانت قريبة منك، وإن حساسية المبدعين المفرطة تجعلهم أحياناً يحيدون عن طريقهم ويلقون اللوم على كل شيء وينسون التركيز الحقيقي على الذات وعلى ما يعني إليهم الوصول إلى أحلامهم، خصوصاً إذا كانت هذه الأحلام تحمل رسالة سامية حقيقية إنسانية.
ولا أستغرب غياب وانهزام الكثير ممن ولدت بهم بذرة الإبداع مع القليل من الحماس في بداية حياتهم، ثم رأيت انصرافهم عن ذلك وتعللهم بعدم وجود الرعاية والجدوى، لأن الهدف لم يكن واضحاً منذ بداية الطريق. وكثير من الأهداف المستترة بحثاً عن الشهرة والماديات كانت مغلفة بقناع الإبداع للإبداع والعطاء للإنسان، وسرعان ما تكشفت المواجهة الحقيقية في التناقض النفسي الذي يواجهه هذا الشخص قبل أن يصل إلى المعنى الحقيقي للعطاء من أجل العطاء، وفي تلك اللحظة فقط تتلاشى المخاوف ويكون الترفع عن تلقي العائد السريع لأن الهدف السامي أبقى وأعلى بكثير.
إن الإبداع والموهبة بذرة ينميها ويتعب في شأنها من يرى الثمار ومن يراها شجرة مثمرة ظليلة، ولا يرى المضي كل يوم في ريها والعناية بها أمراً متعباً لأن الذي يؤمن بوجود الضوء في نهاية النفق يرى الخطوة وصولاً، ويرى الحياة في كل اقتراب من هدفه، ولا يجد عذراً في نفسه للتوقف ولا يعرف ولا يعترف بوجود الانهزام، يبدأ بنفسه وينطلق بلا حدود.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل