الكتابة وهمٌ وهَمّ

23 مايو , 2015

الكتابة وهمٌ وهَمّ

طلال سالم الصابري
لا شك في أن الكتابة من حق الجميع، بل إننا اليوم نملك مساحات شاسعة تتسع للجميع، فلم تعد الصحف الورقية مساحتنا الوحيدة، ولم يعد للقراء منبر يرسلون إليه مساهماتهم بالبريد على أمل أن تُنشر، والانتشار اليوم أكبر من السابق، ففي ظل تردي حركة الصحافة وظهور المدعين، نرى الأبواب مشرعة أمام الأجيال لتكتب وتنشر، ولكن لتحذر هذه الفئة من الشباب من محرقتي الاستسهال والشهرة ومن محرقة ناقدَين، الناقد الحاقد والناقد المطبل، فلم أجد أسوأ في رحلة الكتابة من ذلك.
فالاستسهال يصيب الكاتب بمرض التكرار وعدم تطوير الذات، فالبعض يكتب ولا يدري ما يكتب، فهو لا يفرق بين الشعر والنثر والخاطرة والقصة والرواية، بل ويحاول التجربة في كل المجالات حتى قبل امتلاك أبسط الأدوات اللغوية والفكرية، وشيء من ثقافة الحياة، فتراه في ظرف حرفين يصبح أبا العريف، بل ويبدأ في النقد والتنظير بلا حدود.
أما الشهرة الكتابية في سن مبكرة، فإنها بيئة خصبة للمطبلين وللمعادين، وتصيب صاحبها بجنون العظمة الذي لا يسمح له بعد ذلك بقراءة كتاب، أو محاولة تفسير الكتابة بواقعية، أما المطبلون، فغالباً ما يحاولون الصعود على أكتاف النص للحصول على ورقة عمل، أو ليقال إنهم يدرسون ظواهر الأدب وتغيرها وتشكلها، فيشترون ذلك بثمن بخس، ولا أحتاج إلى أن أفصل في مسألة الحاقد الناقد، فهو ما زال مزهواً بأستاذيته، ويخاف أن يسحب الجيل الجديد البساط، فيقعد ملوماً مذموماً.
كل خطوة في الكتابة لا تساوي شيئاً في طريق لا ينتهي، ومن لا يصدق، فليتابع بعض المقابلات لكبار الروائيين العرب والعالميين، ليدرك تواضعهم بين يدي ما قدموا، ولو أننا نؤمن بأنهم قدموا الكثير، وبعضهم يكاد لفرط تواضعه ينفي أنه كتب ما يستحق، ولكن قلمه يشهد له بذلك في كل شيء.
t.salem@alroeya.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثلاثة أقدام من الذهب

صفحة المستقبل